تقليديا، كان موسم إطلاق الأجهزة الجديدة في شركة "Apple " العملاقة هو الأفضل سنويا، حيث تعقد الشركة مؤتمراً يسهر الناس شرقا وغربا لمتابعته، قبل أن يبدأ الملايين عمليات شراء الأجهزة الجديدة، ومن بينهم آلاف يبيتون أمام متاجر الشركة حول العالم لاغتنام أحدث نسخة من "iphone" أو "MacBook" أو "Airpods"، وغيرها من المنتجات الرائجة.
هذا العام، جاء الموسم بطعم مختلف لـ"Apple "، أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية... إذ سبقه تصعيد صيني خطير بإعلان عن حظر لاستخدام المسؤولين الحكوميين لهواتف iphone، في إطار المشاحنات المتصاعدة بين بكين وواشنطن.
ورغم أن بكين عللت ذلك بأنها اكتشفت خرقا أمنيا، إلا أن Apple فقدت في ذات اليوم 106 مليارات دولار من قيمتها السوقية في جلسة واحدة مع تراجع أسهمها بنسبة 3.6%.
وتعد الصين أحد أكبر الأسواق المستهدفة لـ Apple، وذلك بالرغم من المنافسة الشرسة من منافسين عالميين على غرار "Samsung" الكورية أو "Huawei " الصينية، والأخيرة تحديدا استبقت طرح "iphone15" بالإعلان عن إطلاق هاتفها ذو القدرات الفائقة Mate 60 Pro Plus.
وفي محاولة لإدراك الموقف، أذعنت Apple للأمر الواقع، وقامت بخفض أسعار سلسلتها من هواتف iphone14 في الصين، كما تركت أسعار هواتفها الجديدة دون رفع الأسعار.. ليتراجع سهمها ليومين متتاليين في وول ستريت.
الإذعان الثاني كان حين رضخت "Apple " لمتطلبات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بشواحن الهواتف الذكية بعدما قاومت طويلا، إذ أعلنت أنها زودت الطراز الجديد من "iphone" منفذ الشحن العالمي "يو إس بي-سي" (USB-C)، بدلا من منفذ "lightning" الذي لازمها لسنوات.
وحاولت Apple الترويج أن المنفذ الجديد يدعم زيادة سرعة نقل البيانات، فيما كان التزاما بقانون صادر عن المفوضية الأوروبية يلزم مصنّعي الأجهزة الإلكترونية بتجهيز كل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والكاميرات الجديدة بمنفذ من نوع "يو اس بي - سي" USB-C بحلول نهاية عام 2024.
وبينما كانت Apple تؤكد خلال "فترة المقاومة" أن القرار الأوروبي من شأنه "خنق الابتكار" و"الإضرار بالمستهلكين"، فقد كان الاتحاد الأوروبي يؤكد أن الأمر يتعلق بتسهيل حياة المستهلكين وتقليل كمية المخلفات الإلكترونية التي تنشأ عندما تصبح أجهزة الشحن قديمة.
واعتبر المفوض الأوروبي تييري بروتون في بيان أن "الشاحن المشترك هو منطق سليم، وهو في متناول اليد". ومن المتوقع أن يوفر هذا الإجراء على المستهلكين الأوروبيين 250 مليون يورو سنويا.
ولم تكد ساعات تمر على إطلاق الهاتف الجديد، إلا وقد أعلنت فرنسا بشكل مفاجئ حظر بيع هواتف "iphone12" على أراضيها، بسبب تجاوز هذه الأجهزة التي طرحتها "Apple" عام 2020 الحدود القصوى للموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة منها والتي يمتصها جسم الإنسان، بحسب الهيئة الوطنية للترددات.
وأوضحت الهيئة أنها طلبت من الشركة "تسخير كل الوسائل المتاحة لمعالجة هذا الخلل بسرعة. وفي حال عدم القيام بذلك، سيكون على Apple سحب النسخ التي سبق أن بيعت".
وقال وزير الشؤون الرقمية الفرنسي جان نويل بارو في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان"، إن جعل الهاتف الذكي مطابقاً للمعايير "يتطلب تحديثاً بسيطًا للبرنامج". ولدى "Apple" مهلة 15 يوماً للامتثال. وأشار إلى أن طلب سحب الهواتف يمكن توسيعه ليشمل السوق الأوروبية.
وعملياً، يتجاوز "iphone12" بمقدار 1.74 واط لكل كيلوغرام قيمة الحد التنظيمي لحجم الطاقة التي يمكن أن يمتصها جسم الإنسان عند حمل الهاتف في اليد. وبحسب منظمة الصحة العالمية، "لا مؤشر حتى اللحظة إلى أن التعرض للموجات الكهرومغناطيسية المنخفضة القوة خطر على صحة الإنسان"، رغم "البحوث الكثيرة" عن هذا الموضوع.
وكان رد الفعل الأولي أن نصحت "Apple"، موظفي الدعم الفني بعدم التطوع بأي معلومات عندما يسأل المستهلكون عن هذه المشكلة. وقالت: "إذا سأل العملاء عن مزاعم الحكومة الفرنسية بأن النموذج يتجاوز معايير الإشعاع الكهرومغناطيسي، يتعين أن يقول الموظفون أنه ليس لديهم أي شيء يقدمونه".
وتابعت أنه يتعين أن يرفض الموظفون طلبات العملاء بإعادة أو استبدال الهاتف، ما لم يتم شراؤه "خلال الأسبوعين الماضيين"، وهذه هي سياسة الإرجاع العادية لـ Apple.
لكن بعد ساعات، أعلنت Apple الإذعان للمرة الثالثة في أسبوع واحد، حيث أوضحت أنها ستطرح تحديثا لتطبيقات هواتف iphone 12 التي يبلغ عمرها 3 سنوات، استجابة لتحذيرات السلطات الفرنسية من مجال الاشعاع الكهرومغناطيسي للهواتف.
وأكدت أن هذه الخطوة مرتبطة ببرتوكول اختبار محدد يستخدم في فرنسا ولا يرتبط مخاوف تتعلق بسلامة مستخدمي iphone12.