يكتشف الزائر لجناح مجلس التعاون الخليجي في اكسبو 2023 الدوحة للبستنة أن الفكرة العامة لمحتوى الجناح تنسجم مع أهداف وطبيعة المعرض، وتركز على مواضيع التعاون البيئي والزراعي، وابرز القرارات الصادرة عن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، في مجالي البيئة والزراعة، والتعريف بجهود دول المجلس في الحفاظ على البيئة، والحد من التصحر، والتعاون في مجال الأرصاد والتغير المناخي. وجرى بناء محتوى الجناح وتوزيعه على قسمين بأربعة مناطق، ويضم المحتوى الخارجي حديقة خليجية تضم التنوع الزراعي في البيئات الخليجية، والتعريف بالتنوع البيولوجي والاحيائى في دول المجلس، والتعريف بشعار مجلس التعاون، وعروضا مرئية من خلال شاشة العرض الرئيسية، إضافة ً إلى تقديم الضيافة الخليجية لزوار جناح مجلس التعاون. وكان معالي السيد جاسم البديوي الامين العام لمجلس التعاون الخليجي قد افتتح الجناح.
ويبدأ المحتوى الداخلي بالمنطقة الثانية ويتطرق بشكل موسع إلى كافة مجالات العمل الخليجي المشترك ثم المنطقتين الثالثة والرابعة وتتناول التعاون المشترك في مجالات البيئة والزراعة والعمل البلدي، بطرق عرض مختلفة، منها الشاشات الرقمية والتفاعلية، والمحاكاة المرئية للمحميات البرية والبحرية الطبيعية بدول مجلس التعاون .
ويركز تصميم محتوى جناح مجلس التعاون في إكسبو الدوحة على تجسيد إنجازات العمل الخليجي المشترك 2022 انطلاقا من المحاور الفرعية للمعرض وهي " الاستدامة، والوعي البيئي، والتكنولوجيا والابتكار، والزراعة الحديثة، ويأخذ جناح مجلس التعاون لدول الخليج العربية زواره في رحلة تحمل عنوان “نحو خليج أخضر في بيئة مستدامة” ليشاركهم اهتماماته وإسهاماته في الحفاظ على الموارد الطبيعية لبناء مستقبل مستدام للجميع.
ووفق سجلات الجناح "تسيطر الصحراء على أجزاء واسعة من دول مجلس التعاون، وخلال السنوات الماضية عملت دول المجلس على الارتقاء بالنظم البيئية والزراعية ذاتية الاستدامة، وحولوا مفهوم العيش بتقشف إلى حياة مزدهرة، لتساهم ثرواتنا الطبيعية في خلق بيئة مثمرة".
وضمن استعراضه للمحة تعريفية لدول مجلس التعاون الخليجي، ضم جناح المعرض ملامح من الرؤية الاقتصادية لدولة قطر 20 30 وحضرها في 3 محاور الا وهي: تنويع الاقتصاد لضمان مناخ أعمال مستقر ومستدام، من خلال إيجاد توازن بين الاقتصاد القائم على النفط، وبين اقتصاد أكثر اعتمادا ً على المعرفة، واقتصاد متنوع يتناقص اعتماده على النشاطات الهيدروكربونية وتتزايد فيه أهمية دور القطاع الخاص ويحافظ على تنافسينه..التطور الاجتماعي يعني فرص علم وعمل متساوية لجميع المواطنين، بصرف النظر عن خلفيتهم وجنسهم. وتتمثل المشاركة المتزايدة والمتنوعة للقطريين في قوة العمل.
الحد من التغير المناخي
يقول سعادة خالد آل الشيخ مفوض عام جناح مجلس التعاون لدول الخليج "تبلغ مساحة دول مجلس التعاون 2.41 مليون كم 2 وتمثل الأراضي الصالحة للزراعة 9.6 مليون الأف كم 2 من أجمالي المساحة الكلية وتحتل قطر المركز الرابع بمساحة 136 كم2 تليها الكويت 99 والبحرين وتسبقها حسب الترتيب السعودية وعمان والامارات، وتعمل دول مجلس التعاون بشكل جماعي لتقليل آثار التغير المناخي بما يكفل لها إنتاج بعض المحاصيل الزراعية التي تحقق لها نسبا من الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي المحلي الذي يؤمن بعض الاحتياجات الضرورية عند حدوث الأزمات في حال توقف سلاسل الإمداد لبعض الوقت وكل دولة تعمل على تحديد أهم المحاصيل التي يتم إنتاجها بناء على الخطط الوطنية والميزة النسبية لكل دولة وتوفر مورد الأرض الزراعية الصالحة للزراعة ومصادر مياه الري والطاقة مع الأخذ في الاعتبار ضمان استدامة هذه الموارد".
واستطرد خالد آل الشيخ قائلا "بلغ الانتاج الزراعي في دول مجلس التعاون الخليجي حسب إحصائيات المركز الاحصائي لخليجي لعام 2020 حوالي 11.7 مليون طن، وتركز دول مجلس التعاون على إنتاج الخضراوات، باستخدام التقنيات الحديثة (الزراعة الذكية) عبر البيوت المحمية والزراعة الرأسية والزراعة المائية وتنتج هذه التقنيات أهم حاصلات الخضر مثل الخيار والطماطم والفلفل بأنواعه والخضر الورقية والشمام وغيرها من المحاصيل التي يتم استيراد كميات كبيرة منها لدول المجلس خصوصا خلال أشهر الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة لمستويات عالية جدا".
وأوضح "أن المحاصيل الأخرى مثل محاصيل الفاكهة المستدامة مثل التمر والمانجو والموز والحمضيات تأتي في المرتبة الثانية، وبعدها محاصيل النخيل، ثم محاصيل الحبوب مثل القمح والذرة بأنواعها والأعلاف خاصة حشيشة الرودس وهي من المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من مياه الري.
نمو اقتصادي مستدام
وحول التوجهات البيئية لدول المجلس يقول حسام إبراهيم المسؤول في الجناح " إن دول مجلس التعاون الخليجي تعتقد ان الوضع البيئي الراهن في العالم وما تمر به البيئة المشتركة من تحديات وصعاب، تتطلب من الجميع زيادة الاهتمام والحرص على التنسيق والتعاون بما يحد ويقلل من الأضرار البيئية ويحافظ على مكوناتها ومواردها واستدامتها للأجيال القادمة، فإن دول مجلس التعاون وضمن مسيرتها الهادفة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للاجيال الحالية والمستقبلية".
واستطرد حسام إبراهيم قائلا: تعتمد دول الخليج توجهات بيئية تواكب الوضع البيئي الراهن، وتشمل ما يلي: ضمان أن تتمتع منطقتنا بالنمو الاقتصادي المستدام، وتكون أنماط الاستهلاك والإنتاج وأوجه استعمال كل الموارد الطبيعية من الهواء إلى الأرض ومن المجاري المائية والبحيرات وطبقات المياه الجوفية إلى المحيطات والبحار - أنماطا ً وأوجه استعمال مستدامة، ويعيش الإنسان بوئام مع الطبيعة فيحمي الحياة في البر والبحر، وتكون التكنولوجيا، تطويرا ً وتطبيقاً، مراعية للمناخ ومحافظة على التنوع الحيوي، وأداة لتعزيز قدرة النظم الاقتصادية والبيئية على الصمود في وجه التحديات والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم الآن وفي المستقبل.
وأوضح "ومن الأهمية تبني وتطبيق نتائج المؤتمرات الرئيسية والقمم التي عقدتها الأمم المتحدة، بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، والتي أرست من خلالها أسسا ً سليمة للتنمية مع المحافظة على البيئة وأسهمت في تشكيل الخطة الجديدة للتنمية المستدامة، بما في ذلك مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة.ومشاركة جميع أفراد المجتمع القادرين هي شرط استمرار النمو الاقتصادي والازدهار بعيد المدى، ولذلك فإننا سنعمل من خلال هذه التوجهات على بناء اقتصادات ديناميكية أساسها التنوع والاستدامة والابتكار ومحورها الإنسان، وعلى توفير فرص العمل المناسبة والثقة للجميع، والشباب منهم على وجه الخصوص بما يضمن السعادة والرفاهية لشعوبنا".
ويضيف حسام إبراهيم "كما سنعمل على تعزيز القدرات الإنتاجية، والعمالة المنتجة، وتعميم الاستفادة من الخدمات المالية الإنتاجية، والزراعة المستدامة، والتنمية الرعوية وتنمية مصائد الاسماك، والتنمية الصناعية، واستفادة الجميع من خدمات الطاقة الجديدة التي يمكن التعويل عليها بتكلفة ميسورة، ونظم النقل المستدام، وجودة البُنى التحتية بدون الأضرار بالبيئة والموارد الطبيعية.
الحد من التلوث
وفي مجال الموارد المائية يقول خالد آل الشيخ "تعمل دول مجلس التعاون على عدة محاور من بينها "تحسين نوعية المياه عن طريق الحد من التلوث ووقف التخلص من النفايات والمواد الكيميائية الخطرة وتقليل تسرّبها إلى مصادر المياه إلى أدنى حد ممكن. ومعالجة شح المياه من خلال رفع كفاءة استخدام المياه والاستغلال الأمثل لهال لها، من خلال تطبيق مفهوم الادارة المتكاملة للموارد المائية بشكل مستدام. وحماية وإعادة تأهيل النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه، بما في ذلك الجبال والغابات والأراضي الرطبة والبحيرات وخزانات المياه الجوفية والعيون والافلاج الى جانب دعم نطاق التعاون الدولي والإقليمي وبناء القدرات في مجال الأنشطة والبرامج المتعلقة بالمياه، بما في ذلك حصاد المياه، ومعالجة ملوحتها، وكفاءة استخدامها، ومعالجة المياه العادمة، وتقنيات إعادة الاستعمال والتدوير الآمن".
وحول المبادرة الخليجية الخضراء تذكر محتويات الجناح "ان المبادرة تهدف إلى أداء ذي جودة وكفاءة عالية لمؤسسات البيئة في دول المجس بما يحقق حماية البيئة وتنميتها بشكل مستدام، بالتعاون والتنسيق ما بين دول المجلس وبطريقة يسودها التكامل والشفافية. وتتبنى المبادرة مجموعة من المفاهيم التي تشكل في مجملها القيم لتنفيذ خططها وبرامجها. واعتمدت من المجلس الأغلى في عام 2007".
ونصت الاتفاقية الموقعة بتاريخ 22- 8 - 2017 ضمن وثائق الجناح، على تنفيذ أربعة مشاريع ذات أولوية ضمن المبادرة الخليجية الخضراء لمعالجة القضايا البيئية الملحة التي تواجه دول المجلس، وهي: دراسة نطاق ردم السواحل وأثره على البيئة البحرية والساحلية.،وإعداد دليل إقليمي لجمع البيانات المتعلقة بنوعية الهواء للمساهمة في الادارة الفعالة لمراقبة نوعية الهواء في بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتنبؤات بمستوى جودة الهواء. تحديث المبادئ التوجيهية الموحدة للإدارة السليمة للمواد الكيميائية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.وإعداد تقارير عن حالة البيئة والتوقعات البيئية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
الأمن الغذائي
وختاما أوضحت سجلات الجناح أن دول الخليج نجحت في التحلي بنظرة ثاقبة حول توفير الغذاء حيث أرادت الا تعوّل على أحد في ضمان تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها، واتجهت لسياسة الاستثمار الزراعي الخارجي الذي يحقق أمنا ً غذائيا ً لمواطني دول المجلس.
وبينما يعاني العالم اليوم من تبعات تعثر سلاسل الأمداد، تتوسع دول مجلس التعاون في الانتاج عبر الاستثمار الزراعي الخارجي، من خلال الأذرع الاستثمارية والشركات التابعة للصناديق السيادية الحكومية والشركات التابعة للقطاع الخاص ولعل من ابرزها: - شركة الظاهرة القابضة ( دولة الامارات العربية المتحدة )، ومجموعة أغذية ( دولة الامارات العربية المتحدة )،شركة سالك ( المملكة العربية السعودية )،شركة نتاج ( سلطنة عمان )،شركة المطاحن العمانية ( سلطنة عمان )،وشركة حصاد الغذائية ( دولة قطر )،شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية ( دولة الكويت ).