أعلن مصرف قطر المركزي عن الانتهاء من تطوير البنية التحتية لمشروع العملة الرقمية الذي سيكون بمثابة خطوة استباقية تواكب التطورات العالمية المتسارعة في هذا المجال، وذلك تماشيا مع الاستراتيجية الثالثة للقطاع المالي واستراتيجية التكنولوجيا المالية، ورؤية قطر الوطنية 2030، وضمن سعيه الدائم إلى تنظيم وتطوير القطاع المالي في الدولة. وسيُركز المشروع على تطبيقات العملة الرقمية لمصرف قطر المركزي، لزيادة الوصول إلى أسواق رأس المال للبنوك العاملة في الدولة، وتعزيز التسوية المحلية، بالإضافة إلى تحسين كفاءة معاملات الأوراق المالية، كما يرمي المشروع الذي سيدخل في مرحلته التجريبية الأولى الممتدة إلى أكتوبر 2024، لتحقيق مجموعة من الأهداف الأساسية في مقدمتها، الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقنية السجلات اللامركزية والتقنيات الناشئة، وإنشاء أسس قوية لتعزيز السيولة من خلال توسيع المشاركة في تسهيلات الأسواق المالية، مع الإحاطة بالجوانب المرتبطة بأمن المعلومات خلال تنفيذ المشروع.
التزام تام
ويعكس هذا المشروع التزام مصرف قطر المركزي التام بالمساهمة في تحقيق التحول الرقمي ضمن القطاع المالي، خاصة أن البدء في مشروع العملة الرقمية يُشكل محطة مهمة وخطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد رقمي في الدولة، بالإضافة إلى تبيان حرصه على مواكبة التحولات الرقمية التي يشهدها القطاع المالي والمصرفي على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ما يعكس إدراك مصرف قطر المركزي لأهمية الاستثمار في التقنيات الحديثة، التي تهدف إلى بناء منظومة رائدة تتبنى التقنيات الناشئة لتسريع وتيرة التحول الرقمي انسجاماً مع استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024 - 2030.
تطوير التطبيقات
كما يؤكد مصرف قطر المركزي أنه بعد الانتهاء بنجاح من الدراسة الشاملة التي تمت في هذا المجال، سيقوم الآن بتجربة وتطوير تطبيقات مختارة للعملة الرقمية للمصرف المركزي، لتسوية المدفوعات ذات القيمة العالية مع مجموعة من البنوك المحلية والدولية في بيئة تجريبية مصممة وفقًا لأحدث التقنيات المتطورة.
ويؤكد مصرف قطر المركزي حرصه المستمر على تقديم المبادرات المتميزة والقيمة التي من شأنها أن تُساعد على إنشاء بيئة ملائمة لنمو القطاع المالي، مع تحفيز تبني التكنولوجيا الناشئة على نطاق واسع وتعزيز الابتكارات التكنولوجية في مختلف المجالات. وفي الختام، تجدر الإشارة أن نتائج هذه التجربة ستكون حجر الأساس نحو تحديد حالات الاستخدام المختلفة التي سيتبناها مصرف قطر المركزي مستقبلا، مما سيساهم في تعزيز كفاءة الأنظمة الحالية والتسوية الفورية.
وتعليقا منهم على خطوة مصرف قطر المركزي أكد عدد من الخبراء أهميتها بالنسبة لعالم المال والأعمال هنا في الدوحة، مشيدين بالمجهودات الكبيرة التي بذلها المصرف من أجل إعداد البنية التحتية الخاصة بالعملة الرقمية، في إطار التماشي مع التطورات الدولية في هذا المجال بالذات، والذي بات فيه التحول نحو هذا النوع من العملات أمرا ضروريا، يجب مواكبته من أجل الاستفادة من الإيجابيات الكثيرة التي يتوفر عليها، والتي من شأنها دعم القطاع المالي في البلاد في الفترة المقبلة. وبين المتحدثون في استطلاع أجرته جريدة الشرق، المميزات الكثيرة الخاصة بالعملات الرقمية، واضعين في مقدمتها تراجع كلفة الإصدار مقارنة بالعملات الورقية، بالإضافة إلى انعدام نسب التلف على عكس الأنظمة النقدية التقليدية التي يشيع فيها التلف بشكل لا متناه، ناهيك عن أساليب تخزينها الآمنة، والتي لا تتم عن طريق الأفراد كما هو معمول به في العملات الورقية، ما يضمن زيادة في دوران الأموال، وسيولة أكبر في الأسواق، ناهيك عن سهولة تخليص المعاملات بغض النظر عن المكان والزمان، إلى جانب فرض الرقابة الشاملة على الأفراد، والتي باتت اليوم مطلبا مهما من طرف المجتمع الدولي في الوقت الراهن، دون نسيان جدواها الواضحة في منع التهرب الضريبي، ودفع المتعاملين نحو الالتزام بالمخصصات الضريبية.
خطوة منتظرة
وفي تصريحاته للشرق قال الدكتور عبد الله الخاطر إن التوجه نحو اعتماد العملة الرقمية من طرف مصرف قطر المركزي في المرحلة القادمة، يعد خطوة منتظرة بالنظر إلى العديد من المعطيات التي كانت توحي بضرورة السير نحو ذلك، وأولها التركيز القطري الواضح على التماشي مع التطورات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن، ضمن مختلف القطاعات، بما فيها المجال المالي، الذي اتسم في المرحلة الأخيرة بمجموعة من التغيرات، من بينها العملات الرقمية التي بدأت في الانتشار في مختلف البلدان الكبرى، الأمر الذي اتبعته بشكل جلي من خلال هذا الإعلان. وأشاد الخاطر بالمجهودات الكبيرة التي بذلها مصرف قطر المركزي طيلة الأعوام الماضية، وذلك من أجل إعداد البنية التحتية اللازمة لمثل هذه القطاعات، وهو ما تم بفضل حرص القائمين عليها على الاستناد على أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال على الصعيد الدولي، واستعمالها بالصورة المطلوبة على المستوى المحلي، مشيرا إلى الأهمية الكبيرة التي تحظى بها العملات الرقمية في عمليات بناء و تأسيس الاقتصادات العالمية في الفترة الحالية، في ظل فوائدها الكثيرة في شتى الاتجاهات، وقدرتها على ضمان قوة الاقتصادات الوطنية، وإعطائها القدرة على بلوغ أرقام ومستويات أفضل مع مرور الوقت، وهو ما تبحث عنه قطر الرامية إلى تعزيز مكانتها ضمن أفضل دول العالم في شتى القطاعات، عبر رؤيتها لعام 2030.
إيجابيات عديدة
وهو ما سار عليه المهندس علي بهزاد، الذي نوه بدوره بالمجهودات الكثيرة التي يبذلها مصرف قطر المركز الذي يعمل بكد من أجل تطوير القطاع المالي، والوصول به إلى أعلى المستويات الممكنة، من خلال اعتماد العديد من الأساليب العصرية، من بينها اعتماد العملة الرقمية بعد الانتهاء من التأسيس لبنيتها التحتية، وهي الخطوة يجب مباركتها والإشادة بها، بالنظر إلى الإيجابيات العديدة التي ستعود بها على هذا المجال في الدولة، ضمن شتى الاتجاهات وأهمها مواكبة التطور الحاصل في الدوحة في مختلف القطاعات. وبين بهزاد بعضا من الفوائد التي من المرتقب أن يجنيها القطاع المالي في الدوحة بفضل هذا التحول، واضعا في مقدمتها التقليل تكاليف إصدار العملة، والتي تختلف بصورة جلية إذا ما قارنا بين الصنف الورقي للعملات، وغيره الرقمي الحديث الذي تقل فيه العديد من المصاريف، مضيفا إلى ذلك نسب التلف المنعدمة في هذا النوع من العملات، على عكس النقد التقليدي الذي كثيرا ما تتضرر العملات فيه بشتى الطرق والأساليب، الأمر الذي يكبد الجهة المنتجة للأموال تكاليف جديدة لتغطية الأوراق التالفة بأخرى جديدة يتم طرحها في الأسواق، معتبرا العملات الرقمية مستقبل القطاع المالي في الدوحة التي تعتبر جزء لا يتجزأ من السوق العالمي.
الرقابة المالية
بدوره صرح الخبير المالي أحمد عقل بأن إطلاق العملات الرقمية يعد تعزيزا حقيقيا للقطاع المالي في البلاد، الذي كان من المنتظر أن يدعم بهذا النوع من العملات في ظل السعي الدائم من طرف مصرف قطر المركزي على مواكبة التطورات الحاصلة على المستوى الدولي في هذا القطاع المالي، بما فيها العملات الرقمية التي شهدت إقبالا واضحا من طرف البلدان الكبرى خلال الفترة الأخيرة، وهو ما سارت على نهجه الدوحة عبر هذه الخطوة التي تم الإعلان عنها أمس عقب الانتهاء من التأسيس لبنيتها التحتية، والتي تتوافق فيها قطر مع أقوى دول العالم. وشدد عقل على الإيجابيات الكثيرة التي ستعود بها هذه الخطوة على سوق المال في قطر، مبينا جزءا منها، وعلى رأسها الرقابة المالية التي باتت اليوم مطلبا دوليا، مفسرا ذلك بالقول ان العملة الرقمية تسهل هذا النوع من العمليات بالنظر إلى وضوحها التام في عمليات التحويل والاستلام، مقارنة بالحالات التي يتم فيها اللجوء إلى العملات الورقية، مضيفا إليها سهولة تحقيق منع التهرب الضريبي من طرف الأفراد، ويسر تخزين الأموال عبر التطبيقات خاصة بالشركات والأفراد، ما يضمن لنا زيادة في دوران الأموال، وسيولة أكبر في الأسواق المحلية، مع إعطائنا القدرة على تخليص المعاملات المالية اللازمة بغض النظر الوقت، والأماكن التي يتواجد فيها الأفراد.