تشهد قطر تحولًا اقتصاديًا كبيرًا في إطار جهودها لتقليل الاعتماد على النفط والغاز وتعزيز التنويع الاقتصادي، ويعد قطاع السياحة أحد الركائز الأساسية في هذه الاستراتيجية، حيث تعمل قطر على تطويره ليصبح مصدرًا رئيسيًا للدخل. ووفقًا لتصريحات سعادة السيد سعد بن علي الخرجي رئيس مجلس إدارة هيئة السياحة القطرية ورئيس مجلس إدارة هيئة السياحة القطرية بمناسبة اليوم العالمي للسياحة، فقد شهد قطاع السياحة في قطر طفرة ملحوظة، حيث من المتوقع أن تستقبل البلاد أكثر من 3.2 مليون زائر بحلول نهاية أغسطس 2024، بزيادة قدرها 26% مقارنة بنفس الفترة في العام الماضي. هذا النمو الملحوظ في عدد الزوار يعكس قدرة قطر على تحقيق أهدافها الاقتصادية طويلة المدى ضمن إطار رؤية قطر الوطنية 2030.
وتسعى استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024-2030 إلى تعزيز قطاع السياحة كأحد المحركات الرئيسية للتنويع الاقتصادي، من خلال الاستفادة من استضافة الفعاليات العالمية الكبرى وتطوير البنية التحتية، مثل شبكة النقل والمطارات المتطورة. إضافةً إلى ذلك، تلعب قطر دوراً ريادياً في تقديم تجارب سياحية فريدة تجمع بين التراث الثقافي والخدمات الحديثة، مما يعزز مكانتها كوجهة سياحية متميزة في منطقة الشرق الأوسط
إلى جانب أهدافها الاقتصادية، تركز قطر أيضًا على تعزيز التفاهم الثقافي وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 7% إلى 12% بحلول عام 2030، لتصبح وجهة سياحية رائدة على المستوى العالمي.
وفي انجاز سابق يعكس التوسع العالمي القطري، وانفتاحها على دول العالم، أصبحت قطر في سبتمبر الماضي أول دولة في المنطقة تنضم إلى برنامج الإعفاء من تأشيرة دخول الولايات المتحدة، هذا الانضمام يمثل خطوة مهمة ضمن جهود قطر لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية. بالإضافة إلى هذا الإنجاز، تمكنت قطر من جذب الزوار من مختلف أنحاء العالم بفضل سياساتها الداعمة للسياحة، مثل تسهيل إجراءات التأشيرات والدخول بدون تأشيرة لأكثر من 102 دولة. إلى جانب تنظيم الفعاليات العالمية مثل كأس العالم لكرة القدم 2022، ساهمت هذه السياسات بشكل كبير في تعزيز مكانة قطر كوجهة سياحية رائدة في الشرق الأوسط.
كما أشارت البيانات السابقة من سياحة قطر أن قطر حققت أعلى مستوى نمو في عدد الزوار في منطقة الخليج خلال النصف الأول من عام 2024، حيث سجلت زيادة استثنائية بنسبة 147% في أعداد السياح مقارنة بالفترة نفسها من مستويات ما قبل الجائحة. هذا النمو الكبير يضع قطر في المقدمة بين دول الخليج، حيث جاءت بعدها السعودية التي سجلت نموًا بنسبة 73%، ودبي التي حققت ارتفاعًا بنسبة 11.4%، يعود هذا التفوق إلى الاستراتيجيات المبتكرة التي تبنتها قطر، والتي تركز على تقديم خدمات متميزة واستضافة فعاليات رياضية وثقافية كبرى مما عزز جاذبيتها كوجهة سياحية رئيسية في المنطقة.
وفي هذا السياق، فقد أكد السيد عبد العزيز المهندي، الخبير السياحي في لقاء له، أن "دولة قطر أصبحت رائدة في المجال السياحي بفضل جهودها في تطوير البنية التحتية وتوفير أماكن سياحية تلائم مختلف الظروف المناخية"
وبسبب كل هذه الإنجازات فقد أصبح قطاع السياحة في قطر ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، ففي عام 2023، ساهمت السياحة بنحو 81.2 مليار ريال قطري في الناتج المحلي الإجمالي، بما يعادل 10.3% من إجمالي الإنتاج الاقتصادي. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو مع تعزيز المشاريع السياحية الجديدة وتوسيع قاعدة الزوار. كما أدى قطاع السياحة إلى توفير 286 ألف فرصة عمل في 2023، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 334 ألف وظيفة في 2024، مما يعزز من دور السياحة في تقليص معدلات البطالة ودعم الاقتصاد المحلي.
ومع توقعات ببلوغ سوق السياحة في الشرق الأوسط إلى 453.28 مليار دولار أمريكي (1.65 تريليون ريال قطري) بحلول عام 2034، وفقًا لتقرير مركز Future Market Insights، فإن توجه قطر نحو تعزيز قطاع السياحة ينسجم تمامًا مع هذا النمو المتوقع، من خلال استثماراتها الاستراتيجية في تطوير البنية التحتية السياحية وتوفير تجارب متنوعة تناسب جميع الزوار، تمكنت قطر من تحقيق نمو غير مسبوق في قطاع السياحة، معززة بذلك اقتصادها الوطني، هذه الجهود تؤكد أن السياحة ستظل ركيزة أساسية في استدامة النمو الاقتصادي وازدهار قطر في المستقبل.