All News
All Companies
العربية
All News /
الأسواق
تحليل.. كيف تُنفذ قطر سياسة خفض الدين رغم العجز المالي واستحقاقات 2026؟
2025-12-29

تحليل.. كيف تُنفذ قطر سياسة خفض الدين رغم العجز المالي واستحقاقات 2026؟

مباشر – إيمان غالي: تواجه دولة قطر تحدياً مالياً خلال عام 2026، إذ تتصادم استراتيجيتها المعلنة لخفض الدين، مع الحاجة لتمويل عجز متوقع في الموازنة بقيمة 21.8 مليار ريال، واستحقاق إصدارات دين محلية بأكثر من 32 مليار ريال.

يطرح هذا الموقف المالي تساؤلات حول آليات ضبط المالية العامة، واستدامة الإنفاق، وخفض الدين، التي ستعتمد عليها الدوحة وما تراهن عليه لمواجهة هذه الالتزامات المتزامنة.

استحقاقات عام 2026

وبالقراءة في تفاصيل هذه الالتزامات، تظهر استحقاقات الدين المحلي كعامل ضغط إضافي، فمن المقرر أن يشهد مصرف قطر المركزي خلال عام 2026 استحقاقاً لـ47 إصداراً محلياً للدين (سندات – صكوك – أذون خزينة) بقيمة إجمالية تُقدر بـ32.15 مليار ريال، وذلك بحسب إحصائية لـ"معلومات مباشر".

توزع تلك الإصدارات وفق الإحصائية المستندة إلى بيانات "المركزي" بواقع 12 إصداراً للسندات الحكومية مختلفة الآجال والعوائد بإجمالي 14.94 مليار ريال تُشكل 23.08% من الرصيد القائم البالغ 64.72 مليار ريال.

كما تشهد أيضاً استحقاق 12 إصداراً من الصكوك الحكومية بقيمة إجمالية 11.46 مليار ريال تُمثل 20.22% من الرصيد القائم البالغ 56.68 مليار ريال.

وتُعرف السندات بأنها أداة من أدوات الدين العام طويلة الأجل تلجأ إليها الدول لتمويل عجز الموازنة، أما الصكوك الإسلامية السيادية فهي أداة من أدوات الدين تصدرها الدولة لجمع الأموال تستخدمها في سد العجز، وتثبت حق الملكية لحامليها في أصول.

وتتضمن الاستحقاقات أيضاً في العام المقبل 23 استحقاقاً بأذون الخزينة بقيمة إجمالية تُقدر بـ5.75 مليار ريال والتي تُعدل كل الرصيد القام من أذون الخزينة لدى "المركزي القطري".

يذكر أن أذون الخزانة هي أداة من أدوات الدين قصيرة الأجل تصدرها الحكومة لغرض الاقتراض، وتوفير السيولة النقدية بآجال قصيرة تصل لنحو 12 شهراً، وتستخدمها المصارف المركزية أيضاً للتأثير في حجم المعروض النقدي والقوة الشرائية المطروحة في التداول.

يأتي ذلك فضلاً عن السندات السيادية الدولار المستحقة في عام 2026 والبالغ قيمتها 3.5 دولار، ومُُصنفه بـ"ممتازة" بمعدل عائد يبلغ 3.25%، بحسب بيانات وكالة فتش للتصنيفات الائتمانية.

عجز مالي أكبر بموازنة عام 2026

وإلى جانب استحقاقات الدين المحلية المتوقعة، فقد اعتمدت قطر مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026، والذي قدرت به تسجيل عجزاً مالياً أكبر عند 21.8 مليار ريال، مقابل 13.2 مليار ريال متوقع في عام 2025، توقعت أن يتم تغطية العجز من خلال استخدام أدوات الدين المحلي والخارجي وفقاً لاحتياجات التمويل وتطورات أسواق الدين.

يأتي ذلك العجز مع اعتماد الدولة الخليجية إنفاقاً خلال عام 2026 أكبر بنحو 5.04% سنوياً عند 220.8 مليار ريال، قابله نمواً بنحو 1.02% فقط في إجمالي الإيرادات إلى 199 مليار ريال خلال العام الحالي.

وأرجعت وزارة المالية النمو المنخفض للإيرادات إلى اتباعها نهجاً متحفظاً في تقدير إيرادات النفط والغاز، واعتماد متوسط سعر نفط يبلغ 55 دولاراً للبرميل؛ لتعزيز المرونة المالية وضمان استقرار الإنفاق.

 

الانضباط المالي وخفض الدين

بالنظر إلى المشهد الخاص بالعجز المالي المتوقع للعام واستحقاقات الدين قد نرى ضغوطا كبيرة على الوضع الاقتصادي والمالي لقطر، خاصة مع تأكيد القيادة السياسية مراراً على الالتزام بملف خفض نسبة الدين من خلال تحويل الفوائض المالية إلى خدمة ذلك الملف وتعزيز احتياطيات البلاد.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2025 أعلن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، تراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي من 58.4% في عام 2021 إلى 41.5% بنهاية النصف الأول من عام 2025، ووصفه بأنه "إنجاز مهم".

وتبع ذلك إعلان وزارة المالية انخفاض نسبة الدين إلى 40.6% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2025، واستناداً إلى ذلك يبرز تساؤل هام حول الآليات التي تعتمد عليها الدولة لتحقيق التوازن بين هذين الهدفين.

كيف تتحقق المعادلة؟

هدفت قطر في السنوات الأخيرة رغم العجز المالي وتقلبات أسعار الطاقة إلى تنفيذ استراتيجيتها بخفض الدين العام، التي استندت إلى عدة مصدات مالية قوية، بينها امتلاك أصولاً مالية تحت إدارة صندوق ثروتها السيادي – جهاز قطر للاستثمار – تُقدر بنحو 557 مليار دولار، مُحتلاً بذلك المركز التاسع عالمياً بين صناديق الثروة السيادية، بما يفوق عبء الدين الحكومي ويُعد مصداً قوياً للصدمات المتعلقة بتقلبات أسعار الطاقة.

يأتي ذلك فضلاً عن تملك قطر احتياطات أجنبية بأكثر من 72.1 مليار دولار بختام نوفمبر/تشرين الثاني 2025، إلى جانب طرح إصدارات دين سواء لتمويل العجز أو تجديد الدين القائم بنسب عوائد أقل خاصة مع التوجه العام بخفض أسعار الفائدة عالمياً.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني، حققتقطر أدنى عائد مدفوع من قبل مصدر للسندات والصكوك في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في عام 2025، وأقل عائد مدفوع من قبل مصدر يمثل جهة سيادية في الأسواق الناشئة في عام 2025 وذلك من خلال عملية إصدار لطرح من شرحتين بالدولار الأمريكي تشمل سندات لأجل 3 سنوات وصكوك لأجل 10 سنوات بقيمة إجمالية 4 مليارات دولار أمريكي.

وتبعاً لكل تلك العوامل، نجحت حسب تصريحات وزير المالية خلال الشهر الحالي، انخفضت نسبة الدين العام بنحو 7% خلال السنوات الأخيرة، من 365 مليار ريال في ختام عام 2022 إلى 339 مليار ريال في ختام 2025 أو 40.6% من الناتج المحلي، كما تتوقع وكالة ستاندرد أند بورز في تقريرها الصادر بختام أكتوبر/تشرين الأول السابق انخفاض رصيد الدين إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2028%.

ورغم ذلك إلا أن الرهان الأكبر الذي قد يدعم استراتيجيات قطر في خفض نسبة الدين، وزيادة نمو الاقتصاد الوطني، يتمثل في ترقب بدء إنتاج الغاز الطبيعي المسال من مشروع توسعة حقل الشمال بالنصف الثاني من عام 2026، مع توقعات وصول إنتاج الحقل إلى 110 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً في العام المقبل، و126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027، و142 مليون طن بحلول 2030، من مستوى 77 مليون طن سنوياً، لتُعزز تلك الزيادة بدورها الإيرادات النفطية رغم مخاوف تقلبات أسعار الطاقة، وقوة الموازين المالية والخارجية.

وكانت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية في توقعت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن تعوّض توسعات إنتاج الغاز الطبيعي المسال أي ضغوط محتملة ناتجة عن انخفاض أسعار النفط، مُرجحة عودة الفوائض بالموازنة العامة للدولة الخليجية اعتباراً من عام 2027 الذي سيشهد التشغيل الأولى لتوسعة حقل الشمال الشرقي.

Source: Mubasher