
مباشر- سمر خيرالله: أظهرت تقييمات وكالات التصنيف الائتماني الدولية خلال عام 2025 استمرار متانة الأسس الاقتصادية والمالية لدولة قطر، مع إجماع واسع على قوة المركز الخارجي وضخامة الأصول السيادية، مدعومة بآفاق إيجابية لتوسعات إنتاج الغاز الطبيعي المُسال، رغم استمرار بعض المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الهيدروكربونات والتوترات الجيوسياسية الإقليمية.
كابيتال إنتلجنس تؤكد متانة الميزان الخارجي
في 17 يناير/كانون الثاني 2025، ثبّتت وكالة كابيتال إنتلجنس التصنيفات السيادية لدولة قطر عند مستوى "AA" للتصنيف طويل الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة.
وأرجعت الوكالة قرارها إلى قوة الميزان الخارجي وصلابة الأداء المالي، مدعومين بأسعار مواتية للغاز الطبيعي المُسال، وضخامة الأصول الخارجية التي يديرها جهاز قطر للاستثمار، والتي تمنح الدولة قدرة عالية على امتصاص الصدمات، مشيرة إلى أن قطر تحتفظ بمركز دائن خارجي مريح عند احتساب الأصول السيادية.
وفي المقابل، رصدت "كابيتال إنتلجنس" بعض القيود، أبرزها الاعتماد النسبي على الهيدروكربونات، ومستوى القوة المؤسسية المتوسط، إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية الإقليمية واعتماد القطاع المصرفي على التمويل العابر للحدود.
وتوقعت الوكالة نمو الاقتصاد الحقيقي بنحو 2.4% في 2025، مع تسارع أكبر في 2026–2027 بدعم توسعات حقل الشمال، إلى جانب استمرار تسجيل فوائض في الحساب الجاري والمالية العامة خلال الأعوام المقبلة.
فيتش: فوائض مالية مرنة وآفاق داعمة للنمو
في 17 مارس/آذار 2025، أعلنت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تثبيت تصنيف دولة قطر طويل الأجل بالعملة الأجنبية عند "AA" مع نظرة مستقرة.
وأوضحت فيتش أن التصنيف يعكس ارتفاع نصيب الفرد من الدخل عالميًا، ومرونة هيكل المالية العامة، إلى جانب توقعات بزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المُسال بما يدعم الإيرادات الحكومية.
وتوقعت الوكالة تسجيل فائض مالي بنحو 3.9% من الناتج في 2025، متضمنًا دخل استثمارات جهاز قطر للاستثمار، مع استمرار الفوائض وإن كانت بوتيرة أقل في 2026.
كما أشارت "فيتش" إلى انخفاض متوقع في سعر تعادل الموازنة خلال الأعوام المقبلة، ما يعزز القدرة على تحمّل تقلبات أسعار الطاقة.
وعلى صعيد الدين، رجّحت تراجع نسبة الدين الحكومي إلى الناتج إلى نحو 43% بحلول 2027، مدعومة بالفوائض المالية وإدارة الاستحقاقات.
وفي المقابل، نبهت الوكالة إلى استمرار الاعتماد الكبير على قطاع الهيدروكربونات، وارتفاع التزامات القطاع المصرفي الخارجية، فضلًا عن المخاطر الجيوسياسية الإقليمية، وإن كانت ترى أن سجل الدولة في دعم القطاع المصرفي يخفف من حدة هذه المخاطر.
ستاندرد آند بورز: مركز خارجي قوي وهوامش وقائية واسعة
في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025، أكدت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيفات السيادية لدولة قطر عند "AA/A-1+"بالعملتين الأجنبية والمحلية، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية مستقرة.
وأبرزت الوكالة المركز الصافي القوي للأصول الخارجية، وكون قطر اقتصادًا عالي الدخل، مدعومًا باحتياطيات غاز ضخمة وموقع ريادي عالميًا في سوق الغاز الطبيعي المُسال.
كما توقعت أن تسهم توسعات حقل الشمال في تعزيز النمو الاقتصادي والأرصدة المالية والخارجية بدءًا من 2026–2027.
وترى "ستاندرد آند بورز" أن الهوامش المالية والخارجية الكبيرة تمنح الحكومة مرونة عالية في مواجهة الصدمات، سواء الناجمة عن تطورات جيوسياسية أو تقلبات أسعار الطاقة.
وفي المقابل، أشارت إلى أن محدودية الشفافية في بعض البيانات وارتفاع الالتزامات الخارجية للمصارف يمثلان عوامل ضغط محتملة على التصنيف.
كما توقعت أن تظل قطر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال عالمياً، وتخطط الحكومة لزيادة طاقة إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال إلى 126 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027، وإلى 142 مليون طن سنوياً قبل عام 2030، أي بزيادة تقارب 85% عن الطاقة الإنتاجية الحالية البالغة 77 مليون طن سنوياً (مع العلم أن الدولة قد لا تحقق هذه الأهداف).
وكشفت أنه من شأن تلك الزيادة في الإنتاج أن تعزز زخم النمو وقوة الموازين المالية والخارجية خلال الفترة من 2026 إلى 2028.
موديز: أصول سيادية ضخمة وتوازن مخاطر محسوب
في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أعلنت وكالة موديز تثبيت التصنيفات السيادية طويلة الأجل لدولة قطر عند "Aa2"مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأكدت موديز أن الميزانية القطرية شديدة المتانة، في ظل أصول مالية حكومية تُقدَّر بنحو 400 مليار دولار، تفوق عبء الدين الحكومي بأضعاف، ما يوفر هوامش وقائية كبيرة ضد الصدمات ويحد من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على النفط والغاز.
وتوقعت الوكالة أن تعوّض توسعات إنتاج الغاز الطبيعي المُسال أي ضغوط محتملة ناتجة عن انخفاض أسعار النفط، مع عودة الفوائض المالية اعتبارًا من 2027.
كما أبقت على سقوف العملة عند "Aaa"، مستندة إلى قوة الاحتياطيات الأجنبية وإمكانية الاستعانة بأصول الصندوق السيادي لدعم ميزان المدفوعات.
وفي تقييم المخاطر، رأت موديز أن التراجع الحاد والمطوّل في الطلب العالمي على الهيدروكربونات يمثل الخطر الأبرز، في حين أن تسريع التنويع الاقتصادي وتحسين الشفافية قد يدفعان الملف الائتماني إلى مستويات أعلى.
تعكس تصنيفات عام 2025 إجماع وكالات التصنيف الدولية على قوة الاقتصاد القطري واستقراره، مع نظرة مستقبلية مستقرة مدعومة بتوسعات إنتاج الغاز الطبيعي المُسال كرافعة رئيسية للنمو، وفوائض مالية وقدرة عالية على امتصاص الصدمات.
صندوق النقد الدولي: ملامح 2025 بين نموٍّ معتدل وتضخم منخفض
أظهرت مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي في مطلع عام 2025 أن الاقتصاد القطري يتجه لتحقيق نمو معتدل يناهز 2.4% خلال العام، في ظل معدلات تضخم منخفضة يُتوقع أن تستقر دون مستوى 2%، بما يعكس استقرار الأوضاع النقدية وفاعلية السياسات الاقتصادية.
وأشار الصندوق إلى أن مشروعات التوسعة في قطاع الغاز الطبيعي المُسال تظل المحرّك الرئيسي لآفاق النمو على المدى المتوسط، في وقت يواصل فيه النشاط غير الهيدروكربوني لا سيما السياحة والخدمات والبنية التحتية.
وفي سبتمبر/أيلول 2025، أفاد الصندوق بأن النمو غير الهيدروكربوني تجاوز 4% خلال العام، مع تسجيل معدلات تضخم منخفضة جدًا في النصف الأول من 2025، مدعومة بسياسات مالية متوازنة وسوق عمل يتمتع بالمرونة، ما عزز النظرة الإيجابية للاقتصاد الكلي.
كما قام صندوق النقد الدولي في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2025 بمراجعة توقعاته بالرفع، مرجحًا تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر إلى 2.9% في 2025، مقارنة بتقديراته السابقة الصادرة في مايو/أيار عند 2.4%، وذلك بعد نمو الاقتصاد بنحو 2.4% خلال عام 2024.
وعلى المدى المتوسط، توقع الصندوق تسارع وتيرة النمو إلى 6.1% في 2026، ليكون الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، وثاني أعلى معدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مستفيدًا من دخول طاقات إنتاجية جديدة في قطاع الغاز.
في المقابل، رجّح الصندوق تباطؤ النمو إلى 3.4% بحلول عام 2030، وهو ما يتماشى مع تقديراته السابقة، في ظل افتراضات أكثر تحفظًا لأسعار الطاقة والنمو العالمي.
البنك الدولي: وتيرة نمو أعلى قليلًا مدعومة بالتنويع والفوائض
قدّرت تقارير البنك الدولي الإقليمية لعام 2025 نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر بنحو 2.4%، وهو مستوى أعلى قليلًا من تقديرات العام السابق له إذ كان يبلغ 2.6%، قبل أن تتسارع وتيرته إلى متوسط قدره 6.5% في 2026-2027 وذلك نتيجة التوسع في طاقة الغاز الطبيعي المسال.
وأشار التقرير إلى أن هذا التحسن في الآفاق الاقتصادية تدعمه قوة القطاعات غير النفطية، خاصة في مجالات التعليم والسياحة والخدمات.
كما توقع أن ينمو قطاع الهيدروكربونات بنسبة طفيفة تبلغ 0.9% في 2025، قبل أن يشهد طفرة كبيرة في 2026 بفضل توسعة حقل الشمال، ما سيؤدي إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنحو 40% أما القطاعات غير النفطية، فمن المرجح أن تواصل نموها القوي مدعومة بمشاريع تطوير البنية التحتية والاستثمارات الدولية.